

مالك جندلي أصداء من أوغاريت
صدر ألبوم أصداء من أوغاريت عام 2009 بعد أن تم تسجيله في موسكو بمصاحبة الأوركسترا الروسية الفيلهارمونية بقيادة المايسترو سيرجي كوندراشيف، يضم الألبوم ثماني مقطوعات موسيقية للبيانو والأوركسترا تدور بين ماضٍ سحيق وآخر أقرب، حيث تنتقل الموسيقى من سوريا إلى العالم وتُحلّق بحرية لتجوب الآفاق من منابع النغم الأولى مروراً بأزمنة موسيقية متعددة وأخيلة وأمكنة، وأحلام ومشاعر وتأملات وجدانية وإبحارات فنية في صميم الشكل الموسيقي ومهارات العزف والتأليف، يمضي كل ذلك في توافق بديع فلا يشعر السامع بتعسف في إقحام فكرة ما أو بالتنافر بين فكرة وأخرى أو بالانتقال الحاد بين الأجواء الموسيقية المتنوعة، بل إنه يستمتع بتلك الانتقالات وبذلك التنوع ويستشعر ثراء التجربة التي يخوضها عند سماع هذا الألبوم، وجمال الرحلة التي يصحبه إليها مالك جندلي من الأندلس حيث قصر الحمراء وعبق الحضارة العربية الإسلامية، إلى لحن قصيدة رومانسية مُغناة من أجمل الألحان السورية القديمة، إلى حلم البيانو المدهش بين أسواق دمشق وعصر الباروك، إلى ليلية من ليليات البيانو بشجن عربي، إلى مدينة من مدن فلسطين، إلى أول تدوين موسيقي في تاريخ البشرية اُكتشف في سوريا تحديداً في مدينة أوغاريت – رأس شمرا، إلى بهجة العيد وأجواء الاحتفال، إلى مقطوعة أرابيسك الساحرة شديدة الفنية. بعد انتهاء الرحلة يدرك السامع عمق إبداعية ما قدمه جندلي من بارع النغم ورائع الألحان، في مقطوعات مؤلفة ومعدة وفق النظريات العالمية وعلم الانسجام (الهارموني) للموسيقى الكلاسيكية، وتوظيف المقامات الشرقية والألحان العربية بطريقة أكاديمية، وهو ما يفعله في مشروعه الموسيقي بشكل عام.
بألحانه الآسرة وتوزيعاته الموسيقية المتقنة، يقدم ألبوم “أصداء من أوغاريت” تجربة خالدة، يحتفي بالجذور التاريخية والثقافية العميقة للموسيقى، ويعيد تصورها للجمهور المعاصر. أُنتجت العديد من مقاطع الفيديو الموسيقية مع إصدار هذا الألبوم:
أندلس
أولى مقطوعات الألبوم، ألفها مالك جندلي من وحي الأندلس وقصر الحمراء والمجد العربي الإسلامي في إسبانيا، جاءت في شكل رابسودي ينطلق حراً بألحان شرقية وإسبانية حيث ينساب الخط الميلودي العربي مع إيقاعات التانغو، تُصور المقطوعة تعدد الثقافات والأديان والفنون في الأندلس وتأثير الحضارة العربية الإسلامية في أوروبا، تبدأ المقطوعة بدخول قوي غير متردد للبيانو ونغمات واضحة فيها الجمال والبهاء والرفعة وفيها كذلك الحنين ولمسة خفيفة من الشجن، ثم ينطلق البيانو بإيقاعات التانغو منفرداً في البداية ثم بمرافقة الوتريات بعد ذلك، تتكرر الفكرة الموسيقية الرئيسية بتنويعات مختلفة وبخفقات شعورية رائعة عندما تنتقل الموسيقى إلى درجة صوتية أخفض، قبل أن ينتقل اللحن إلى ضربات سريعة متلاحقة على مفاتيح البيانو كتساقط حبات المطر، لا يتوقف هذا التساقط السريع فجأة بل ينتهي بنغمات موسيقية متقطعة هادئة كأنها تستجمع أنفاسها بعد الركض لتركض من جديد، تعود الموسيقى وتنطلق مجدداً بقوة وحيوية ونستمع إلى ثيمة التانغو مع بروز صوت الكمان هذه المرة التي تردد منفردة ما كانت تردده الوتريات في القسم الأول من المقطوعة، ثم تحتشد الوتريات والآلات الإيقاعية في الجزء الأخير من المقطوعة، تُمتع هذه المقطوعة سامعها بلحنها الحيوي الأخاذ المحبب إلى كافة الأذواق العربية والغربية، وبثراء تفاصيلها والهارموني المعقد الدقيق، وبتعبيرها عن فترة مضيئة من التاريخ العربي الإسلامي.
سليمى
أغنية عاطفية سورية قديمة غنتها زكية حمدان في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، وهي قصيدة فصيحة كتبها الشاعر نوفل بن غانم إلياس ولحنها خالد أبو النصر، وتعد من القطع الغنائية التي يرتبط بها الوجدان السوري، يقول مطلعها: “أرى سلمى بلا ذنب جفتني.. وكانت أمس من بعضي ومني.. كأني ما لثمت لها شفاها.. كأني ما وصلت ولم تصلني”. من وحي هذه الأغنية ألف مالك جندلي مقطوعة “سليمى” الرائعة وأهداها إلى روح جده لأمه برهان دروبي الذي اعتاد أن يغنيها لزوجته جدة الموسيقار وظل صوته حياً في قلب جندلي وذاكرته. سليمى في ألبوم مالك جندلي قطعة موسيقية أوركسترالية فائقة الجمال تمتد لثمان دقائق تقريباً وهي القطعة ذات الموضوع العاطفي البحت في الألبوم، تبدأ الموسيقى باهتزاز الأقواس على الأوتار بحركة بطيئة أقرب إلى الثبات مع نغمات البيانو في خط ميلودي رئيسي، يدخل عليه خط آخر هو ثيمة أو مطلع أرى سلمى، تنضم الهوائيات الخشبية إلى الوتريات، ينساب اللحن برقة وعذوبة، ثم يبدأ التصاعد التدريجي والارتفاع وصولاً إلى ذروة تكللها ضربات التيمباني الإيقاعية، ثم نعود لصوت البيانو في حوار بديع مع الهوائيات الخشبية. من خلال الهارب وصوته الحالم الساحر تنتقل الموسيقى إلى لون آخر مع النبر على الوتريات وارتعاشات البيانو، ثم ذروة أخرى يسبقها ضرب سريع متلاحق على أصابع البيانو مع النحاسيات والتيمباني، إلى أن يقول البيانو أو العاشق كلمته الأخيرة بنغمتين، ثم يعلن التيمباني النهاية. تُعد مقطوعة “سليمى” من المقطوعات الأعمق إحساساً والأكثر تركيباً وتعقيداً من ناحية الشكل الفني، ويمكن القول إنها من القطع الرومانتيكية بتعبيرها عن الألم الفردي الذاتي ومعاناة عاشق كان من ضحايا الحب، وهي في عمق تعبيرها عن هذا الألم العاطفي قد تُذكر البعض بقطع تشايكوفسكي الرومانتيكية.
حلم البيانو
جرعة مكثفة من الجمال والزخارف والحليات والتلوين الموسيقي في مقطوعة “حلم البيانو” التي ألفها مالك جندلي في سلم E الصغير، تمتلئ هذه القطعة الموسيقية بالتقنيات الفنية وتُذكر بتوكاتا باخ، وتُظهر بعضاً من قدرات مالك جندلي كعازف بيانو ماهر صَنّاع، عند الاستماع إليها نكون مع خيال زائر من عصر الباروك، تاجر بندقي من القرن السادس عشر، يزور أسواق دمشق القديمة بزخمها وصخبها وروائحها العطرية وألوانها وأصواتها المشحونة بالحياة، حركة دائبة في الموسيقى لا يملها السامع بل يرغب في المزيد مع منحنيات الباروك وخطوطه الناعمة غير الحادة أو المستقيمة. تبدأ المقطوعة بثيمتها الرئيسية بضربات سريعة على البيانو ذات طابع عربي إلى حد ما، ثم تدخل الوتريات والهوائيات النحاسية وآلات الإيقاع في تكرار وتطور اللحن، في منتصف المقطوعة تهدأ الموسيقى كما لو أن البيانو يسرح ويجول في أفكاره الخاصة، ثم يدخل البيانو في حوار قصير مع الوتريات وتشترك معهما النحاسيات وآلات الإيقاع التي تعلن عن وجودها في تصاعد سريع إلى ذروة ترفع الموسيقى وتذهب بها إلى فخامة أنغام الباروك، التي يضفيها صوت التشيللو والبيكولو وحيوية نغماته في قطعة موسيقية رشيقة منعشة للروح.
ليل
ما أجمل أن نستمع إلى ليلية ذات روح عربية ونغمات تخاطب وجداننا مباشرة بشجن نعرفه جيداً وجمل موسيقية تمس شغاف القلب. صحيح أن الحس الإنساني واحد وأننا نرّق لليليات شوبان على سبيل المثال، لكن هناك شيئاً في موسيقى جندلي يفهمه السامع العربي ويصل إليه على وجه السرعة ربما قبل غيره ويبهر السامع الغربي بنغمات قد تكون جديدة عليه. “ليل” مقطوعة مؤلفة في مقام G الصغير، هي موسيقى الليل في أجواء السكون والاختلاء بالفكر والروح والحوار الداخلي، نفس تبوح وقلب يذوب، تنهدات تتصاعد ودمعة تترقرق في العين. تبدأ المقطوعة بصوت البيانو، بنغمات متلاحقة كبوح يتدفق مسترسلاً، وبعد نغمتين تمهيديتين، نستمع إلى ثيمة حزينة تتكرر بتنويعات ودفقات شعورية مختلفة، وشحنة عاطفية أكبر وأضخم عندما تدخل الوتريات، وصولاً إلى تصاعد في منتصف المقطوعة، ثم تتكرر الثيمة بدرجة صوتية أعلى، يتبعها انخفاض مع البوق الفرنسي، الذي يردد منفرداً مطلع الثيمة، بعد ذلك يعود البيانو إلى حديثه الصافي الرقيق، بامتداد موسيقي متأمل في قلب الليل، انتهاء إلى الهدوء والصمت. تعد هذه المقطوعة من مؤلفات جندلي البديعة، فيها عمق التعبير والتأمل الموسيقي، وبراعة العزف على البيانو.
يافا
إلى الشعب الفلسطيني، يهدي مالك جندلي مقطوعة “يافا”، التي يصور فيها تلك المدينة الفلسطينية الجميلة، عروس البحر كما تسمى. في سلم F الصغير تبدأ الموسيقى بلحن على البيانو ذي إيقاع منتظم، تلحق به الوتريات وتتصاعد الموسيقى سريعاً وتضطرب النغمات، ثم يعود البيانو إلى الخط الميلودي الأساسي، مع تلوينات مختلفة وتداخلات لبعض الهوائيات الخشبية، وبروز لصوت رنات المثلث. في حركة ديناميكية ينتقل الشعور بين توتر وهدوء، حزن وغضب، حسرة أليمة على فقدان الأرض، ورغبة عميقة في العودة إليها وحنين جارف، وعزم على الوصول، مع ما يتخلل اللحن من نغمات الأسى والألم، لكن الموسيقى تمضي في طريقها، كأنها تسير فوق الجراح وتخطو فوق الصعب، وتصعد نحو الأعلى بتضاعف القوة وتضخم الصوت واحتشاد الآلات الموسيقية. صيغت هذه المقطوعة بأسلوب أخاذ، يتفنن في التعبير عن ألوان الانفعالات بعبارات موسيقية دقيقة، بالإضافة إلى البناء النغمي المحكم بخطوطه المركبة، وتفريعاته اللحنية البليغة، وتنويعاته الإيقاعية. لهذه المقطوعة رسالتها الدالة وقد تجردت الموسيقى من الكلمات، قطعة موسيقية رائعة تربط جزءاً من فلسطين بالموسيقى السيمفونية العالمية، وتلامس بعمق وجدان السامع العربي.
أصداء من أوغاريت
كان لمالك جندلي السبق والتفرد كأول موسيقار عربي يقوم بتوزيع أقدم تدوين موسيقي في التاريخ، ظهر كاكتشاف أثري مهم في سوريا في واحدة من حضاراتها القديمة، تحديداً في مدينة أوغاريت – رأس شمرا التي تقع بالقرب من مدينة اللاذقية، وهي من الممالك والمدنيات القديمة التي صنعت الحضارة على عدة أوجه وأصعدة، وعرفت الكتابة والأبجدية، والشعر والملاحم وأساطير الآلهة، والموسيقى والغناء، والكثير من الآلات الموسيقية الوترية والنفخية والإيقاعية، والمدهش أنها عرفت التدوين الموسيقي أيضاً. يعود تاريخ الرقم الفخاري المسماري الذي يحتوي على هذا التدوين الموسيقي، إلى القرن الرابع قبل الميلاد، قام مالك جندلي بتوزيعه وأضاف إليه الإيقاع والهارموني وعزفه على البيانو برفقة الأوركسترا، وجعل سماع تلك الموسيقى ممكناً، وأتاح للجمهور في مختلف أنحاء العالم التعرف عليها وتذوق جمالها. تحتوي تلك اللوحة الفخارية على تعليمات للمغني والموسيقي والعازف على القيثارة، والتدوين الموسيقي للقطعة الملحنة، وتقع المقطوعة القديمة الأثرية في مقام واحد اسمه ” نيد قابلي”، وضعها جندلي في سلم D الصغير، ووزعها على عدة آلات إلى جانب البيانو الذي يأتي في الصدارة. هذه الآلات هي: الفلوت، الأوبوا، التيمباني، البيركشن، الكلارينيت، الباصون، البوق الفرنسي، الهارب (الآلة الأقرب إلى القيثارة القديمة)، الكمان الأول والثاني، الفيولا والفيولونسيل والكونتراباص. كانت تلك القطعة القديمة مغناة في الأساس، وتُرجم نصها الغنائي الذي هو أشبه ببكائية، أو مناجاة ودعاء من امرأة لا تلد للإلهة نيكال، حيث تطلب المرأة من الإلهة أن تهب الأزواج الأطفال، وتتساءل لماذا هي المرأة المتزوجة لم تنجب طفلاً. يدل هذا التدوين الموسيقي على مدى المدنية ورقي الحضارة، وروحيتها أيضاً في أوغاريت، والمرتبة السامية العالية للموسيقى وما وصلت إليه من تهذيب الطبع البشري وترقية الحس الإنساني.
تعد مقطوعة أصداء من أوغاريت من الأعمال البارزة في مسيرة مالك جندلي الموسيقية، وتجربة مثيرة ممتعة لكل سامع، وحلماً أو رغبة مستحيلة استطاع جندلي أن يحققها، بفضل العثور على ذلك التدوين الموسيقي الأثري. فكم تمنى البعض منا سماع موسيقى الأجداد في الحضارات القديمة، وكم أعيت الموسيقيين محاولات الاقتراب من تصور ما حول تلك الموسيقى، وهنا تكمن أهمية التدوين الذي قام به الفنان الأوغاريتي القديم، وأهمية ما قام به مالك جندلي من تقديم موسيقى أجداده، والاعتناء بآثار بلاده الموسيقية والثقافية وتراثها الحضاري، ويأتي هذا العمل إلى جانب الكثير من أعمال جندلي الأخرى، وفق رؤية اليونسكو للحفاظ على الإرث الحضاري السوري، وحفظه من الضياع والتدمير الممنهج.
تبدأ مقطوعة أصداء من أوغاريت التي تمتد لخمس دقائق تقريباً بدخول مهيب للموسيقى تعززه ضربات التيمباني ونغمات النحاسيات المتقطعة، يعزف البيانو نغمات رقيقة هادئة توحي بالطمأنينة والرجاء في كنف الإلهة، ويَعلق اللحن عند نغمة واحدة تتكرر عدة مرات كإلحاح في الطلب والسؤال والتشبث بالأمل في تحقيق المبتغى وتلبية الدعاء والاستجابة بالدعاء، وربما الحيرة والاضطراب والخوف من عدم الحصول على المنشود، وفي لحظات قد يشعر السامع بأن صوت البيانو يعبر بحزن عن المرأة، وضعفها وهي تشكو الحال وتصف العلة وتكشف عن موطن الجرح والألم. في نهاية المقطوعة تتصاعد أنغام البيانو وتتصاعد الموسيقى كلها في الخلفية أيضاً ربما تعبيراً عن المعاناة، أو عن جلال الموقف بين امرأة تناجي إلهتها وتبثها أحزانها. “أصداء من أوغاريت” مقطوعة تمنح سامعها تجربة فريدة، يشعر خلالها بمدى العمق الزمني والحضاري لموسيقى أوغاريت التي تتجاوب أصداؤها بين الماضي والحاضر.
عيد
من وحي ألحان سورية تقليدية يغني البيانو ويشدو بأهازيج الفرح والاحتفال حيث أجواء الحيوية والمرح واللعب، عائلة سورية تحتفل بالعيد، ألحان عربية، جاز، تقاسيم ارتجالية، رابسودي في تكوين موسيقي رائع كلوحة مرسومة بالأنغام تمتلئ بالتفاصيل من ألوان وألعاب وزينة. تفرح الموسيقى وتغتبط بوثبات رشيقة متلاحقة مع جمال التبادل النغمي بين الآلات والتنوع الصوتي وتوزيع الجملة الموسيقية الواحدة على الآلات المختلفة وتوقيع النغمات الشرقية. أنغام وافرة غنية وموسيقى تجذب السامع وتذهب به نحو مزيج مدهش من الألحان والإيقاعات. في منتصف المقطوعة يُعزف لحن “يا عزولي لا تلمني فالهوى قتال.. إنني مغرم صبابة أرتجي الوصال” بصوت الفلوت مرة واحدة لا تتكرر، ما يضفي جواً رائعاً تكمل بعده المقطوعة سيرها بإيقاعها وهارمونيتها وومضاتها البراقة. تعكس هذه المقطوعة شيئاً من سمات الخلق الأسلوبي عند مالك جندلي وقوة حبك النسيج الموسيقي واندماج الألحان وإمكانياته التعبيرية الواسعة.
أرابيسك
قطعة موسيقية أنيقة بالغة الجمال من صميم فنون الحضارة العربية الإسلامية، فالأرابيسك مصطلح فني يرتبط بالفنون العربية الإسلامية التي انتقلت إلى أوروبا عبر العرب في إسبانيا، وله وجوده القائم بأشكاله المتعددة في مجموعة من الفنون كفن الباليه وفنون العمارة والموسيقى، وقد وضع بعض عظماء الموسيقى الكلاسيكية مقطوعات الأرابيسك الخاصة بهم، كالموسيقار الألماني روبرت شومان، والموسيقار الفرنسي كلود ديبوسي وغيرهما. بنغمات جميلة هادئة في مسار إيقاعي متكرر حيث تلتقي النهاية بالبداية تأتي هذه المقطوعة بفنياتها الرفيعة كخلاصات مجردة مكثفة التعبير وتأملات في الفن ذاته. تنتقل النغمات الهادئة إلى نغمات أكثر سرعة وحيوية يعقبها الهدوء مرة أخرى، ونستمع إلى ثيمة رائعة تتكرر باتصال ناعم وتشابك بين النغمات تتصاعد تدريجيا مع إيقاعات بارزة وتشكيلات موسيقية تتكون أثناء سير اللحن في طريقه من الفن وإلى الفن. بجمال التركيبات النغمية والتفاعل الصوتي والزخارف وتمازج الأنغام تؤكد هذه المقطوعة الوجود العربي في الموسيقى الكلاسيكية الرفيعة قديماً وحديثاً.
