

مالك جندلي إميسا | حمص
صدر ألبوم إميسا سنة 2012 بعد مرور عام على اندلاع الثورة السورية، وهو ألبوم سوري خالص يستلهم أنغامه وأفكاره الموسيقية من الأمكنة والأزمنة والأحداث السورية القديمة والحديثة، ويروح ويجيء في رحلة مثيرة متنقلاً بين تاريخ الوطن وماضيه العريق وحاضره المؤلم وواقعه العصيب ومأساته الكبرى. إلهام كبير يستمده الألبوم من وحي الثورة السورية والشعب الشجاع الذي وقف في وجه الظلم والطغيان والديكتاتورية، وقد أهداه الموسيقار مالك جندلي إلى الشعب السوري.
أطلق مالك جندلي على الألبوم الاسم القديم لمدينته حمص (إميسا) حيث يوجد الأصل وتمتد الجذور ويشتعل الحنين، يعتز الموسيقار بمدينته الجميلة العريقة وبتاريخها الحافل وقام بتأليف مقطوعة موسيقية تحمل نفس عنوان الألبوم (إميسا) استحضر فيها لمحات من جمال حمص وعبقها الحضاري، يقول مالك جندلي عن الألبوم: ” في الثورة كما في الموسيقى لن يصمت أبداً صوت الحقيقة وإيقاع الحرية، موسيقاي مهداة إلى الشعب السوري الشجاع في وطني الحبيب سوريا، الذي نادى سلمياً بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، هذا الألبوم مستلهم من أصوات ونبض وروح مدينتي الجميلة حمص (إميسا)”.
تم تسجيل الألبوم مع الأوركسترا الروسية الفيلهارمونية بقيادة المايسترو سيرجي كوندراشيف، ويضم 11 قطعة موسيقية مؤلفة للبيانو والأوركسترا تعكس بتنوع كبير مجموعة من السمات الأسلوبية في التأليف الموسيقي عند مالك جندلي، وتحمل رؤية فنية مدهشة تعمل على دمج الثقافة السورية والفنون العربية بأوجهها المختلفة مع الموسيقى السيمفونية الرفيعة. يندرج ألبوم إميسا ضمن ما يقوم به مالك جندلي من توظيف التراث السوري العربي والمقامات الشرقية في إطار علم الهارموني للموسيقى الكلاسكية، وتقديم وحفظ الإرث الموسيقي الحضاري السوري اتساقاً مع دعوة اليونسكو لحمايته من الضياع والاندثار والتدمير الممنهج.
يعد الاستماع إلى ألبوم إميسا تجربة جمالية وثقافية ممتعة حيث ينتقل السامع من مقطوعة إلى أخرى مأخوذاً بسحر النغم وروعة الموسيقى، فيهيم في دنيا الخيال تارة ويسافر إلى الماضي من خلال مقطوعات مثل إميسا وماري، وتارة أخرى يكون مع الحاضر أو الماضي القريب الذي لا يزال حاضراً بآثاره وظلاله الثقيلة وما شهده من صراعات وأحداث جسام، والثورة السورية التي تتردد أصداؤها بصور مختلفة عبر عدد من مقطوعات الألبوم، سواء من خلال رموز وأشخاص بعينهم كالشهيد إبراهيم القاشوش، أو من خلال أفكار عامة مرتبطة بالثورة ونضال الشعب السوري في مواجهة الديكتاتورية كالحرية والسجن وغيرهما.
يضم الألبوم موسيقى تسري فيها الروح السورية وتتفاعل مع الماضي والحاضر بتعبير عميق عن الوجدان السوري، هذا التعبير الموسيقي ليس بالضرورة ألحاناً عربية الطابع أو فولكلورية، فإن مالك جندلي لا يوظف التراث العربي والمقامات الشرقية بطريقة تقليدية، لكنه يوظفها بطريقة أكاديمية وفق النظرية الهارمونية للموسيقى الكلاسكية، فيخاطب بها السامع العربي والسامع الغربي وعشاق الموسيقى الرفيعة على السواء في مكان من العالم.
يجد المتلقي في هذا الألبوم العديد من التقنيات والجماليات الموسيقية، فهناك الميلودية والانسيابية الغنائية في بعض اللحظات، والإيحاء والوصفية الشاعرية، والضخامة والاتساع الأوركسترالي وأنغام البيانو الحالمة الشفافة، والنسيج الهارموني المتشابك ببراعة، والخطوط اللحنية المتكررة وتنويعات الألحان وتغيرها مع كل تكرار، وتفكيك الألحان وإعادة تكوينها وتطويرها وإضافة المزيد إليها دائماً، والإيقاعات المتغيرة الحرة والتآلفات الصوتية، والموازين المنتظمة المتواترة والتنويعات الإيقاعية، والإطار العام محكم التصميم والبناء.
كرفان / قافلة
مفتتح الألبوم وبداية الرحلة الموسيقية الممتعة، هذه المقطوعة الموسيقية الجميلة ذات الإيقاع الرشيق تقود السامع وتهيئه للدخول في جولة عبر بقية مقطوعات الألبوم في أزمنة وأمكنة قديمة وأحداث تاريخية، وكل ما يحتويه الألبوم من موسيقى سورية الروح والموضوع. تمتد المقطوعة لأربع دقائق تقريباً وهي كبقية المقطوعات مؤلفة للبيانو والأوركسترا، حيث يقوم البيانو بتبادل الألحان والثيمات والخطوط الميلودية مع الآلات الموسيقية الأخرى.
تتكون الثيمة الرئيسية في المقطوعة من جملة موسيقية بديعة يرددها البيانو مرتين وينطلق في المرة الثالثة بتنويع جديد، في مقطوعة كرفان ينساب البيانو بنغمات رقيقة خلابة وموسيقى تلامس الوجدان توحي بالاستمرارية والسيرورة، يتكرر اللحن بمزيد من الثراء والحيوية ويتضاعف الشعور مع الوتريات القادمة من بعيد لتردد اللحن وصوت البيانو المنعش للروح، وتزداد المتعة بتداخل البيانو مع الوتريات وتفاعل الأوركسترا بدفقات تثري اللحن وتجعله يعلو ويجيش بمشاعر وتأثيرات مختلفة، هي قافة ترتحل بنا وتمر بمحطات من الجمال الموسيقي.
زنزانة
بداية موسيقية سريعة للمقطوعة، متوترة كتخبط السجين المأسور داخل المكان الضيق، موسيقى توحي بانحباس الأفق والفضاء الحبيس بشكل عام، ينساب صوت الموسيقى ويأخذ في التدفق والعلو والتصاعد كأنه يشق تلك العتمة ويتسلل ويخرج من ذلك الضيق والانحباس، يتجه اللحن تدريجياً نحو المزيد من النشاط ثم يميل إلى الهدوء. زنزانة عنوان مؤلم لمقطوعة موسيقية تتناول فكرة الحرية بشكل عام، وجانباً من واقع سوريا الحزين حيث السجون الرهيبة التي تضم أعداداً هائلة ممن ثاروا واعحتجوا على الظلم والطغيان والديكتاتورية.
ماري
ماري من أجمل مقطوعات الألبوم بموسيقاها الخلابة الرائعة، فيها يذهب مالك جندلي إلى وجه من وجوه التاريخ والحضارة السورية القديمة، إلى مملكة ماري إحدى الممالك القديمة في سوريا والتي يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد بـ 2900 سنة، ويقع ما تبقى من آثارها على الضفة الغربية لنهر الفرات جنوب شرق دير الزور، هي المملكة الأسطورة التي ضمت معبد عشتار إلهة الحب والحرب، وأورنينا مغنية المعبد والمطربة الكبرى في المملكة وأقدم مغنية في التاريخ، ويعد تمثالها الأثري الذي يصور ملامحها من الآثار السورية الخالدة الشاهدة على العمق الحضاري السوري والاتصال القديم بالموسيقى والفنون. نستمع في هذه المقطوعة إلى نغم رقيق شجي يتوالى بصوت البيانو والهوائيات الخشبية، وثيمة رائعة تتمنى الأذن لو تظل تتكرر، والنحاسيات التي تمنح اللحن طابعاً ملحمياً مهيباً في بعض اللحظات وتوحي بالضخامة والاتساع وتنبه السامع إلى البعد التاريخي القائم. عند منتصف المقطوعة تتسارع الموسيقى وتنتهي بدورة كبيرة تعود بعدها إلى أنغام البيانو الهادئة. ماري مقطوعة موسيقية تعود بنا إلى تاريخ سوريا العرق وحضارتها المجيدة بعيداً عن آلام الحاضر.
إميسا
المقطوعة التي تحمل عنوان الألبوم، ألفها مالك جندلي عن مدينته حمص واختار اسمها القديم (إميسا) في إشارة إلى تاريخ حمص وماضيها العريق، هنا يقترب الموسيقار مالك جندلي من ذاته بقدر ما يقترب من المدينة، وتسيطر العاطفة والارتباط القوي بالمكان والجذور. نستمع في هذه المقطوعة إلى تعبير جندلي عن مشاعره تجاه مدينته وتأملاته في تاريخها البعيد وما مر عليها وما شهدته من أحداث عبر العصور، وهي تقف شامخة في وجه الزمن ورياح حوادثه العاتية، يزخر هذا التأمل الموسيقي في الماضي البعيد والقريب لمدينة حمص بأحاسيس تغمر الوجدان، ألف مالك جندلي موسيقاه من وحي المدينة التي كانت ميناء ومحطة مهمة تمر عليها قوافل طريق الحرير، ومن وحي بساتينها وترابها وبواباتها القديمة ونهر الميماس، وصخر البازلت الأسود الذي يكسو طرقاتها ويميز شوارعها، ومراقد الخالدين من الصحابة وغيرهم، وما شهدته من أحداث كبرى كسلام قادش وشخصيات تاريخية كرمسيس الثاني والإسكندر الأكبر.
يدخل البيانو ليعزف نغمات متفرقة متقطعة يرافقه صوت الأوركسترا من نحاسيات وهوائيات خشبية، ثم تتجمع هذه النغمات لينطلق البيانو في عزف ثيمة بديعة، تتكرر الثيمة مع المزيد من الخفقات الشعورية. تغير في الإيقاع وتسارع طفيف يؤدي إلى ذروة خاطفة ينفتح بعدها اللحن على آفاق أكثر اتساعاً وتعبيرات أكثر عمقاً، كما لو أننا دخلنا إلى أعماق المدينة والتاريخ وتغلغلنا في ماضيها، وكما لو أن الموسيقى تقول هنا حمص المدينة الجميلة العريقة، تتوالى الموسيقى حاملة مشاعر تفيض من وجدان الموسيقار يترجمها صوت البيانو، تهدأ الموسيقى قليلاً ونستمع إلى لحن جديد بصوت البيانو أكثر رهافة وشاعرية، ونشعر كما لو أن الموسيقى تطمئن في أحضان المدينة حتى الوصول إلى نقطة الختام.
موال
عن فن من فنون الغناء العربي هو الموال، ألف مالك جندلي مقطوعة موسيقية تعبر بشكل سيمفوني عالمي عن لون فني خاص بالثقافة العربية في سوريا ومنطقة الشام، ويقول جندلي عن المقطوعة “زخرفة قصيدة بلهجة شعبية، رثاء المواليا في نكبة البرامكة ببلدة واسط، برزخ بين الفصحى والدارج، زجل، عتابا، ميمر، مفردات بيئة تتماوج في بيت شعر من بحر بسيط”. ربما تعبر بداية المقطوعة عن النشأة المأساوية لفن الموال، ويلاحظ الإيقاع المتغير الحر في المقطوعة مع ما يشبه الارتجال وتطور اللحن المستمر. السامع الذي يبحث عن نوتات تدله على العتابا والزجل والميمر في المقطوعة قد يصعب عليه الأمر وربما لن يجد شيئاً مباشراً، ونرى أن المؤلف الموسيقي واع بهذا الأمر وهذا الاختلاف كالفرق بين الفصحى والدارج حسب تعبيره، فالسماع والتمعن في العمل يوحيان بأن الموسيقار استوعب مواضيع شتى عن العتابا والزجل والميمر وهذه الفنون العربية المشرقية، وقام بالتعبير عنها من خلال لغة أخرى مختلفة تماماً كأن الأمر نظرة عليها من زاوية الموسيقى الكلاسيكية. التواجد المستمر للبيانو قد يوحي بأنه الزجال أو قائل الموال بينما تواكبه الأوركسترا بارتساماتها، وهذا شيء جديد لا يوجد في المواويل العربية، من الصعب إيجاد بعض نوتات أو إرهاصات لنوتات مشرقية في المقطوعة، لكننا نشعر بأن هناك مواضيع للألم والشجن، ونشعر بأن هناك ترجمة من الزجل إلى الفصحى وترجمة من الفصحى إلى الزجل، ثم هناك ترجمة الكل موسيقياً وأكاديمياً.
نشيد
موسيقى نشيد لكن بدون كلمات أو نص مغنى، والمعروف أن النشيد يمكن أن يغنى دون موسيقى اعتماداً على إيقاع الكلمات وتنغيم الأصوات البشرية فقط، لكننا هنا في هذه المقطوعة نجد العكس، حيث يؤدي البيانو بصحبة الآلات الأوركسترالية نشيداً موسيقياً، تعكس هذه المقطوعة صوراً مختلفة من فنون تلحين النشيد ورؤية مالك جندلي الفنية لهذا القالب الغنائي. في بداية المقطوعة نجد دخولاً سريعاً للبيانو بلحن جميل، ويبدو الأمر كما لو أنه يردد نشيداً ذا إيقاع منتظم مع بعض الارتجالات والانفرادات البليغة، تتسارع الموسيقى في الجزء الأخير من المقطوعة ثم تعود إلى الهدوء المعتدل، بعد ذلك يتغير الإيقاع ويصير اللحن أكثر صرامة وتتصاعد الموسيقى نحو ذروة الختام.
فالس حجاز
بين قالب موسيقي غربي راقص هو قالب الفالس، ومقام من مقامات الموسيقى الشرقية العربية هو مقام حجاز كار، تدور أنغام المقطوعة الموسيقية التي أسماها مالك جندلي فالس حجاز، تمتد المقطوعة إلى ما يقرب من أربع دقائق ونصف، نستمتع خلالها بالإصغاء إلى فالس جميل بما فيه من اختراق مشرقي واضح وانتهاء الجملة الموسيقية على اللون المشرقي خصوصاً بعض الطلعات، يحدث الاختراق ويتوقف ويعود اللحن إلى السير على وتيرة الفالس مع تلوين مشرقي في المنتصف، ميلوديا مواكبة لميلوديا أخرى، تصاعدات مشرقية تنتهي في أعلى السلم، مزج عمودي وأفقي أو أفقي على وجهين يأخذ جزءاً من الميلودي ويعطيه تلويناً مشرقياً وأحياناً يجمع بين خطين ميلوديين في نفس الوقت.
حرية (سيمفونية القاشوش)
الشهيد إبراهيم القاشوش منشد الثورة السورية ومشعل حماسة الشعب السوري في الساحات والميادين، صاحب أشهر الأغاني الصارخة في وجه الظلم والطغيان، غنى إبراهيم القاشوش ورفع صوته عالياً بكلمات الشعب، فما كان من شبيحة الديكتاتور إلا أن قتلوه واقتلعوا حنجرته ورموا جثمانه في نهر العاصي. كان القاشوش يغني ويهتف بما يهتف به الشعب السوري مطالباً بالحرية والعدالة وحقوق الإنسان ورحيل الطاغية. “يالا ارحل يا بشار” من أشهر أغاني القاشوش التي كان يرددها أمام الحشود الهائلة التي كانت تشاركه بدورها الغناء وتردد من خلفه الجملة الرئيسية في الأغنية. ألف مالك جندلي مقطوعة حرية (سيمفونية القاشوش) تخليداً لذكرى الشهيد، واتخذ من كلماته “يالا ارحل يا بشار” عبارة موسيقية دالة في مقطوعته كما لو أنها حضور لصوت القاشوش نفسه، وإشارة إلى أن كلمات القاشوش لن تموت. تمتد المقطوعة لست دقائق تقريباً وتبدأ بالجملة اللحنية الدالة “يالا ارحل يا بشار” وتتكرر لمرتين، ثم يأخذ اللحن في التنويع على الجملة إلى أن يدخل البيانو بصوته الخاص وثيمته الموسيقية الرهيفة، بما فيها من إحساس عميق مشوب بالحزن، بعد ذلك تعود جملة “يالا ارحل يا بشار” مع اصطدامات عنيفة ثم سكون يتبعه اضطراب وتختتم المقطوعة بالجملة الدالة أيضاً.
أمل
تأتي مقطوعة أمل بعد مقطوعة القاشوش وقبل مقطوعة نبض سوري، وهي من أطول مقطوعات الألبوم تمتد لسبع دقائق ونصف تقريباً، بداية هادئة مع الوتريات والأوركسترا، نغمات ممتدة متصلة، دخول للبيانو بنغمات متمهلة لا تخلو من بعض الشجن مع ترديد الأوركسترا وتبادل النغم بينهما، يصمت الجميع ليبوح البيانو بخفقاته الشعورية، تصاعد نحو ذروة يتجه بعدها اللحن إلى إيقاع أكثر سرعة، وتتسم نغمات البيانو بالمزيد من الحيوية، هي أمل تتوق إليه النفوس والأوطان المتعبة وحلم بفجر جديد.
نبض سوري
على مدى أربع دقائق ونصف تقريباً نستمع إلى نبض سوري يتجلى في نغمات البيانو وما يصاحبها من دقات إيقاعية باستخدام آلات متنوعة، تبدل وتنوع في الموازين والمقامات، هذا النبض السوري نبض حي لا يموت ولا ينقطع رغم كل شيء. المقطوعة فيها الجمال والحيوية والتدفق والتوهج بأشعة الحرية، تبدأ المقطوعة بثيمة موسيقية جميلة تألفها الأذن العربية، تتهادى مع إيقاعات متنوعة ثم يسير البيانو بنغماته الرشيقة المعبرة وصولاً إلى ذروة متوسطة، تلتحم عندها جميع الآلات، ثم ذروة أخرى يتسارع بعدها اللحن إلى حد ما، وفي منتصف المقطوعة تقريباً يتبدل اللحن ونستمع إلى إيقاع وميزان مغاير، وذروة كبيرة كما لو أن تغيراً هائلاً قد حدث أو تصحيحاً لمسار ما.
سلام
آخر مقطوعات الألبوم واختتام معبر عن أمنية راسخة في النفس، وخير ما يحلم به المرء ويتمناه للحياة والشعوب والأوطان والبشرية جمعاء، وكما كانت تبدو هذه الأمنية بعيدة بالنسبة لسوريا وغيرها من البلدان العربية عندما كان مالك جندلي يقوم بتأليف هذه المقطوعة، تمتد المقطوعة لمدة خمس دقائق تقريباً. في المقطوعة ثيمة موسيقية جميلة تنطلق بعد مقدمة قصيرة وتتكرر حتى وقفة تأمل في منتصف المقطوعة، لتعود بإحساس أكثر شجناً مع صوت الهوائيات الخشبية، وقفة أخرى في الجزء الأخير من المقطوعة، مع متعة الحركة الإنسيابية لنغمات البيانو التي تدعمها الأوركسترا وتعزز أثرها وتضاعف التلوينات الشعورية المختلفة. تزدهر نغمات البيانو بلحن السلام، تألفها الروح ويطمئن إليها الوجدان. على الرغم من الوقفات الصارمة أحياناً تعطي المقطوعة الإحساس بالسير المستمر اللانهائي والسعي نحو السلام الذي نستحقه مهما كثرت العراقيل.